عاجل:

"بين ايران المنشغلة والمطامع الإسرائيلية".. السفير المصري يعلّق على قرارات الحكومة: هل الجيش قادر على نزع السلاح دون تعاون "الحزب"؟

  • ٨٠

اعتبر ​السفير المصري​ علاء موسى أنّ ما قامت به الحكومة في جلستها الأخيرة يُعدّ خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، وقد قدّمت أفضل الممكن قياساً على الظروف المعقّدة المحيطة، مؤكداً أنّها اجتازت اختبار الجلسة بنجاح، حيث أُديرت المداولات بحكمة وحصافة، وبرز فيها تمسّك واضح بمبدأ ​حصر السلاح​ بيد الدولة، وبتأكيد على حقّها في بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية. لكنه أشار إلى أنّ تطبيق هذا المبدأ يظلّ مرهونًا بعوامل عدّة، في مقدّمها جهوزية الجيش والظروف الإقليمية.

 وفي حديث لصحيفة "نداء الوطن" أكد موسى أنّ "بلاده ترى أنّ الحفاظ على الاستقرار يقتضي الابتعاد عن الانخراط في مواجهات داخلية، وتفادي كلّ ما يشعل فتيل الأزمات. واستند إلى تجارب مصر السابقة"، قائلاً "خضنا أربع حروب، استخلصنا منها درسًا واحدًا، هو أنّ اللجوء إلى القوّة لا يكون إلاّ كملاذٍ أخير، وبعد استنفاد كلّ الوسائل السلمية".

وفي ما خصّ مسألة الحوار، أوضح أنّه ليس من الضروري أن يُسمى طاولة حوار، فالتفاعل والتواصل القائم بين قصر بعبدا وعين التينة، أو بين السراي الحكومي وعين التينة، هو بحدّ ذاته شكل من أشكال الحوار، مشدداً على أنّ الأهم هو وجود نقاش وتبادل في وجهات النظر، مع أفق سياسي ومدى زمني وإرادة لتطبيق ما يتمّ الاتفاق عليه.

وحول المخاوف من اغتيالات قد تطال شخصيات لبنانية بارزة مثل رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، أبدى استغرابه، مؤكداً أنّ "ما يجب التركيز عليه هو تهدئة الأوضاع في لبنان، لأنّ أي توتير إضافي خطير". أما عن احتمال مواجهة بين ​الجيش اللبناني​ و"​حزب الله​"، فشدد على "ضرورة العمل لتجنّب مثل هذه السيناريوهات، متسائلاً: "هل الجيش اللبناني قادر بوسائله أن يبدأ بالفعل في عملية نزع السلاح إن لم يتعاون معه الحزب؟ وهل يعلم الجيش بمواقع مخازن السلاح؟" معرباً عن شكوكه في ذلك. وأضاف أنّه لو كانت إسرائيل تعلم هذه المواقع لكانت قصفتها منذ زمن، معتبراً أنّ الرهان على التوافق والحوار هو الأكثر واقعية وفعالية لسحب السلاح.

وأشاد السفير المصري بمقاربة الرئيس جوزاف عون، واصفاً إياها بأنها "جيدة جداً، موضوعية جداً، هادئة جداً وحكيمة جداً"، مؤكداً أنّ مصر تدعمها بالكامل، وأنّ عملية حصر السلاح مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالأوضاع الداخلية والإقليمية.

ورأى أنّ التوصل إلى آلية مناسبة لحصر السلاح بيد الدولة يعتمد بشكل أساسي على توافر ظروف إقليمية مؤاتية، مشيراً إلى اتفاق سابق نصّ على خطوات محدّدة نفذ لبنان ما عليه منها، فيما لم يلتزم الجانب الإسرائيلي بتعهداته. ودعا إلى العمل المشترك بين مصر والسعودية وقطر وفرنسا وأميركا وغيرها من أجل خلق الظروف الملائمة للاستقرار، مفضلاً استخدام منطق الحوافز بدلاً من فرض الشروط.

وطرح بعض هذه الحوافز، مثل وقف الخروقات الجوية للبنان، الانسحاب من بعض النقاط في الجنوب، تسليم عدد من الأسرى، ضخّ أموال لإعادة الإعمار، وتنظيم مؤتمر دولي لدعم الجيش اللبناني.

وأشار إلى أنّ فرنسا تعمل على تنظيم مؤتمرين لدعم الجيش وتعافي لبنان اقتصادياً، وأن نجاحهما مرتبط بمستوى التزام الدول المانحة، خصوصاً الخليجية. وأكد أنّ مصر تكثّف اتصالاتها مع الدول الداعية والمدعوة على حد سواء.

وعن التأثير الإقليمي، شدد على أنّ الحل في لبنان لا يمكن أن يفرضه طرف واحد، وأنّ هناك أدواراً متكاملة لأصدقاء لبنان من مصر إلى فرنسا وقطر وغيرها، مشيراً إلى تواصل دوري مع هذه الجهات، وكذلك مع أطراف فاعلة مثل إسرائيل وإيران.

ورداً على ما يقال عن تهديدات إسرائيلية بشن حرب، اعتبر موسى أنّ إسرائيل حالياً في وضع يرضيها، وهي ليست بصدد الذهاب أبعد من ذلك، لافتاً إلى أنّ استخدام ورقة الحرب ليس حكمة، وأنّ ما يقوم به لبنان هو بدافع المصلحة الوطنية. وأكد أنّ حصر السلاح بيد الدولة ليس تنازلاً بل مصلحة لبنانية خالصة.

وأوضح أنّ الاستعجال نحو المواجهة ليس ضرورياً، بل يجب استنفاد كل السبل السلمية، محذراً من أنّ كلفة المواجهة سيدفعها اللبناني وحده. وعن ارتباط السلاح بولاية الفقيه، اعتبر أنّ المقاومة نشأت لمواجهة الاحتلال، وأنّ إيران منشغلة اليوم بتحديات أكبر من الملف اللبناني، مرجحاً أن ترفع يدها عن لبنان مع الوقت.

وشدد على أنّ الأخطر في لبنان هو غياب المشروع الوطني، ووجود مشاريع فئوية تقدم على حساب المصلحة العامة. وأكد أنّ "اللجنة الخماسية" ما زالت تعمل، وإن بوتيرة أبطأ، وأن لكل من أعضائها دوراً خاصاً. واعتبر أنّ تفعيل شقها العسكري مرهون بإنجاز المرحلة الأولى من مهامها.

وأكد أنّ مصر تحظى بقبول واسع من جميع الأطراف اللبنانية لأنها لا تسعى لمصلحة خاصة، بل من أجل لبنان قوي ومستقر، متوقعاً أن يكون لها دور أكبر قريباً عبر مبادرات واضحة.

وحذّر من ​المخاطر الإسرائيلية​ في المنطقة بعد السابع من تشرين الأول 2023، مشيراً إلى ضرورة موقف عربي موحّد لمواجهتها. وأكد أنّ ما يجري في غزة يؤثر مباشرة على الأمن القومي المصري، وأن مصر تملك الوسائل والاتصالات اللازمة لمنع تطور الوضع إلى تهديد أكبر.

كما أشار إلى أنّ أي تغيير في المنطقة لن يقتصر على دول المواجهة فقط بل سيمتد تأثيره للجميع، لافتاً إلى أن معالجة الأزمة السورية تتطلب عملية سياسية شاملة. وأكد أنّ المجموعات التكفيرية في سوريا لا تزال مقلقة لمصر ولبنان على حد سواء.

وفي توصيفه للشخصيات اللبنانية، شدد موسى على دعمه الكامل لمقاربة جوزاف عون، وأشاد بحيوية نواف سلام، ورأى في نبيه بري صوت العقل والحكمة، وأبدى إعجابه بسمير جعجع لصراحته وثباته، فيما اعتبر أنّ الفراغ السني خلف خسائر كثيرة وأن عودة سعد الحريري ستشكّل إضافة مؤثرة.

المنشورات ذات الصلة