بعد أربعة أشهر من تفجّر قضية "الضم والفرز" في بلدة مزيارة (قضاء زغرتا)، تدخل الفضيحة مرحلة أكثر تعقيدًا، مع صدور قرار قضائي عاجل أوقف المشروع بعد الكشف عن تزوير قرابة 2968 سندًا عقاريًا، في ما وصفه حقوقيون بـ"الزلزال القضائي الذي أعاد الاعتبار لهيبة القانون".
القرار القضائي (رقم 1/2025 الصادر بتاريخ 1 تموز 2025) علّق الأعمال فورًا، بعد أن تبيّن أن السندات المزوّرة صُدّقت بتوقيع قاضٍ متقاعد، في مخالفة صريحة للمرسوم الاشتراعي 70/1983، ما كشف حجم الانحراف في مسار المشروع الذي يطال أكثر من 2.4 مليون متر مربع من أراضي البلدة.
شبكة مصالح ومحسوبيات
الوثائق الرسمية تكشف وقائع صادمة: من 2968 سندًا مؤقتًا تم إصدارها، أعيد توزيع المنطقة إلى 857 عقارًا، تقاسمها نافذون بأسلوب فجّ، حيث حصل أحدهم على 18 عقارًا في مواقع استراتيجية، بينما نال آخرون حصصًا كبيرة، بعضها سُجّل بأسماء مستعارة لإخفاء المستفيدين الفعليين.
تمويل مشبوه وتلاعب بالملكية
المشروع تمّ تمويله دون إدراجه في موازنة الدولة، ما يفتح الباب واسعًا أمام فرضية الفساد المنظم والتلاعب بالمال العام، خاصة أن البلدية استوفت مبالغ بالدولار الأميركي مقابل أمتار مضافة للعقارات، على أساس سعر صرف 1500 ليرة، من دون أي مرجعية رسمية واضحة.
شهادات الأهالي: غبن وحرمان
أبناء البلدة عبّروا عن غضبهم من المشروع الذي حوّل أراضيهم من منازل وحقول إلى مواقع نائية لا تصلها الطرقات. يقول أحدهم بأسى:
"أراضينا كانت محل بيت أهلي وجدودنا، صارت بكعب الوادي... لا قادر عمّرها، ولا إزرعها، ولا طريق بيوصلها."
تهديد للقضاء... ومواجهة مفتوحة
مصادر متابعة تؤكد أن بعض المتورّطين يضغطون لإلغاء القرار القضائي بحجّة التشكيلات القضائية، ما يُعدّ تدخّلًا سافرًا في عمل السلطة القضائية، ومحاولة للالتفاف على وقف التنفيذ. ويُحذر حقوقيون من خطورة هذه المحاولات، داعين إلى حماية القضاة الذين وقفوا بوجه هذا المشروع.
معركة مستمرة ضد الفساد
يرى قانونيون أن قرار وقف المشروع هو خطوة أولى في مواجهة منظومة فساد عقاري ـ سياسي متجذّرة، لكن الخطر لم ينتهِ بعد. فمواجهة هذا الملف تستدعي مساءلة علنية للمسؤولين والمتورطين، وإلا فإن مزيارة لن تكون الأخيرة.



