عاجل:

غارات خارج الحدود.. هل أصبح العنف بديلاً عن الدبلوماسية في حرب غزة؟ (روسيا اليوم)

  • ٢٢

يمكن اعتبار الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قادة من حركة حماس في قطر يوم الثلاثاء، رمزًا لتحوّل الحرب على غزة إلى صراع إقليمي واسع تتلاشى فيه حدود المعركة وأسس التفاوض.

فعلى المستوى النظري، كان الطرفان – إسرائيل وحماس – يدرسان مقترحاً أمريكياً جديداً يقضي بالتوصل إلى اتفاق يُفرج بموجبه عن جميع الرهائن المتبقين، وينهي الحرب. لكن عملياً، استهدفت حماس يوم الاثنين محطة حافلات في القدس، ما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وإصابة آخرين. في المقابل، صعّدت إسرائيل حملتها العسكرية للقضاء على حماس في مدينة غزة، ثم وسّعت نطاقها بمحاولة تصفية قادة الحركة المقيمين في قطر.

من الصعب تصديق أن أياً من الأطراف المتصارعة يتصرف بحسن نية في مسعاه المعلن نحو حل تفاوضي. حتى الولايات المتحدة، التي عرضت مبادرة السلام، بدت وكأنها تطلب من قادة حماس الوثوق بوعود إدارة ترامب بمنع إسرائيل من استئناف القتال — وذاك وعد يبدو، في نظر الكثيرين، بعيداً عن الواقع.

غياب التزام أمريكي فعلي لإنهاء الحرب يزداد وضوحاً، خاصة مع تمسّك البيت الأبيض بخطط خيالية، لطالما رُفضت من قبل، مثل إخلاء غزة وإعادة إعمارها بإشراف دولي. وعلى الرغم من تأكيد القادة الإسرائيليين أن الضربة على قطر — التي تستضيف قاعدة أمريكية رئيسية — كانت "عملية مستقلة"، فإن إدارة ترامب أُبلغت بها قبيل تنفيذها. رفض مسؤول في البيت الأبيض التعليق على ما إذا كانت واشنطن قد وافقت أو نسقت العملية، غير أن الاستعداد الأمريكي لرؤية قطر تُستهدف لن يمر دون تداعيات في العواصم العربية.

كل هذا يُضعف فرص العودة إلى مسار دبلوماسي. بل إن السيناريو الأكثر ترجيحاً يبدو اليوم مقلقاً: أن يصبح هذا التصعيد وضعًا طبيعيًا جديدًا، تعيش فيه إسرائيل تحت تهديد دائم، والمنطقة بأكملها في حالة ترقب مستمر لردود أفعالها.

منذ نهاية الأسبوع، نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي غارات في أربع جبهات: لبنان، سوريا، قطر، ومدينة غزة. وقد أسفرت هذه العمليات عن سقوط عدد كبير من الضحايا، واستنكرت الدول الثلاث المستهدفة ما وصفته بانتهاكات خطيرة لسيادتها.

يبرر المتشددون الإسرائيليون هذه الضربات بأنها جزء من "العدوان الضروري لتحقيق النصر"، ويذهب بعضهم إلى المطالبة بترحيل الفلسطينيين قسراً، بزعم أن إسرائيل لن تنعم بالأمن حتى يُطرد الفلسطينيون من غزة والضفة الغربية. وكما عبّر عن ذلك وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بقوله: "الإرهابيون لا حصانة لهم، ولن يتمتعوا بها في أي مكان في العالم".

ورغم أن قادة حماس قد لا يحظون بالتعاطف العالمي، إلا أن استهدافهم خارج غزة لا يبدو أنه سيقضي على الفكرة التي يمثلونها. فطالما لم يُتوصل إلى اتفاق سياسي عادل يُرضي الطرفين، ستستمر حركات المقاومة تحت مسميات جديدة، وسيبقى العنف سيد الموقف.

وفي هذه المعادلة، يظل المدنيون — من كلا الجانبين — هم الخاسر الأكبر.

المصدر: روسيا اليوم

المنشورات ذات الصلة