عاجل:

رامي عبد الرحمن: الساحل السوري والسويداء يشهدان جرائم ممنهجة.. والعدالة الانتقالية لم تعد خياراً (خاص)

  • ٩٤

خاص – إيست نيوز

عبير درويش

في ظل تصاعد التوترات الأمنية في الساحل السوري، تتزايد الأصوات المطالبة بمحاسبة المتورطين في سلسلة من الجرائم التي طالت مدنيين وأطفالاً في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة السورية المؤقتة. آخر تلك الحوادث كان اختطاف الطفل محمد حيدر (11 عامًا) من أمام مدرسته في ريف اللاذقية، تلاه بأيام حادثة اختطاف معلمة تنتمي للطائفة العلوية في ريف اللاذقية، ما أثار صدمة واسعة بين الأهالي ما فجّر موجة غضب عارمة وإضرابًا عامًا شلّ العملية التعليمية، وسط احتجاجات متزايدة في الشارع. وعمّق المخاوف من استهداف منظم على أساس طائفي.

وعلى خلفية ما جرى، خرجت تظاهرات احتجاجية في اللاذقية وجبلة وطرطوس،شلّ عمل المدارس ورفع شعارات تطالب ببيئة آمنة للتعليم ومحاسبة المتورطين، في حين يلتزم الإعلام الرسمي والمعارض الصمت أو الإشارة إلى الجناة كـ"مجهولين".

في حديث خاص لـ"إيست نيوز"، أكد مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، رامي عبد الرحمن، أن هذه الجرائم لم تعد حوادث فردية أو معزولة، بل باتت تمثّل سياسة منظمة تستهدف مجموعات سكانية بعينها، في ظل غياب المساءلة وتواطؤ بعض الأجهزة التابعة للمعارضة. وأضاف عبد الرحمن أن "الإفلات من العقاب"، بات عنوانًا للمرحلة، محذّرًا من تحوّل الساحل السوري والسويداء إلى بؤرتي تفجر قادم إذا لم يتم تدارك الموقف بجدية من قبل المجتمع الدولي.

وشدد عبد الرحمن، على تقاعس الحكومة السورية المؤقتة عن القيام بواجبها في الكشف عن الجرائم والانتهاكات التي تُرتكب في مناطق الساحل السوري والسويداء، معتبراً أن ما يجري هناك لم يعد مجرد خروقات فردية، بل يرقى إلى "جرائم إبادة جماعية وقتل ممنهج بحق المدنيين من أبناء الطوائف العلوية والدرزية".

و أشار إلى أن سلسلة من المجازر الجماعية التي وقعت في الساحل السوري خلال السنوات الماضية، وتحديدًا ضد أبناء الطائفة العلوية، لم تجد طريقها إلى العدالة، لا محليًا ولا دوليًا، في ظل غياب الشفافية من قبل لجان التحقيق، وتقاعس الجهات الرسمية، مضيفًا أن "الضوء الدولي الذي سُلّط مؤقتًا على تلك المجازر سرعان ما خفت، وتم التعتيم على الحقيقة".

وأوضح عبد الرحمن أن "أسلوب ارتكاب الجرائم في الساحل تغيّر في الآونة الأخيرة، فبعد أن كانت تأخذ طابعًا جماعيًا وعلنيًا، أصبحت تُنفّذ بشكل فردي وسري، وتُسجّل في النهاية ضد مجهولين"، لافتًا إلى أن هناك "تغطية ممنهجة من قبل مسؤولين في الحكومة المؤقتة على هذه الجرائم، وبعض الجناة يلوذون بالفرار دون أي مساءلة قانونية".

جريمة اختطاف وقتل.. وغياب للعدالة

وأعطى عبد الرحمن مثالًا عن جريمة حديثة وقعت في إحدى قرى الساحل السوري، تمثلت في "اختطاف طفل من الطائفة العلوية، وقتل معلّمة بطريقة وحشية"، مؤكدًا أن الجريمة "قُيّدت ضد مجهول"، رغم وجود دلائل قوية تشير إلى هوية الفاعلين، وفق قوله.

وأضاف "هذه ليست الحادثة الأولى، ولن تكون الأخيرة. هناك استهداف ممنهج، لا سيما للأطفال والنساء، وهو ما يرسم صورة واضحة لسياسة الإقصاء والعنف الذي يطال فئة بعينها على خلفيات طائفية".

التعليم تحت النار

أما في السويداء، فلا تقل الصورة سوداوية. فقد رصد المرصد السوري احتقانًا متزايدًا في الشارع، تمثّل في احتجاجات متفرقة للطلبة والأهالي، تطالب وزارة التربية والتعليم بـ"تأمين بيئة آمنة للتعليم"، في ظل تحوّل عدد من المدارس إلى مراكز إيواء أو نقاط توتر أمني.

وحذر عبد الرحمن من أنّ "الطلبة من أبناء الأقليات باتوا مهددين بالإقصاء من العملية التعليمية، وهناك شعور عام بالخوف وعدم الأمان يسيطر على العائلات، ويؤدي إلى تسرب الأطفال من المدارس".

دعوة إلى لجان التحقيق الدولية

ودعا رامي عبد الرحمن،مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي إلى "التحرك فورًا، وتوسيع صلاحيات لجان التحقيق الدولية المستقلة لتشمل الانتهاكات في السويداء والساحل السوري"، مشددًا على أن "العدالة الانتقالية يجب أن تكون أولوية قصوى، لا مجرد بند على طاولة التفاوض".

وأكد "ما يحدث اليوم هو جريمة مستمرة، والسكوت عنها يُشجّع على تكرارها. المطلوب آلية واضحة للمحاسبة، وتحرك دولي لحماية المدنيين، لأن الداخل السوري اليوم يعيش على فوهة بركان طائفي وأمني".

المنشورات ذات الصلة