عاجل:

"رسالة سلام ووحدة"..البابا لاوون يلتقي المرجعيات الروحية في لقاء مسكوني حواري في بيروت (صور)

  • ٤٠

تصوير: عباس سلمان


شكّل اللقاء المسكوني والحواري بين الأديان في ساحة الشهداء في بيروت، محطة استثنائية خلال زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان. فقد اجتمعت المرجعيات الروحية الإسلامية والمسيحية، في حضور واسع لرؤساء الطوائف والمطارنة والشخصيات السياسية والمدنية.

وعبّر مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان عن سروره باستقبال الحبر الأعظم، مشدداً على أنّ لبنان بلد التعددية والغنى الإنساني، وأن المواطنة أساس للحقوق والواجبات بعيداً عن أي تمييز. واستعاد المفتي محطات من التاريخ الإسلامي الدالة على احترام الآخر، معتبراً أنّ لبنان مؤتمن على رسالة السلام والعيش المشترك.

من جهته، رحّب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب بالبابا، منوّهاً بمواقفه الداعمة للبنان في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر. وأكد الخطيب أنّ ثقافة الإسلام الروحية تقوم على الأخوة الإنسانية، وأن الحوار والتلاقي هما حجر الأساس في مواجهة التعصب. وأشار إلى أنّ المقاومة في لبنان جاءت دفاعاً عن الأرض في غياب الدولة، داعياً الفاتيكان والمجتمع الدولي إلى مساعدة البلاد على تجاوز أزماتها.

كما رحّب بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للكنيسة السريانية الأرثوذكسية مار إغناطيوس أفرام الثاني بزيارة البابا، مؤكداً أنّ المسيحيين في المشرق، رغم كل ما تعرضوا له من حروب وتهجير، حافظوا على رسالتهم وشراكتهم مع المسلمين في مواجهة العنف والإرهاب. واعتبر أن اللحظة التاريخية التي تمر بها المنطقة تفرض تعزيز العدالة والمساواة وحماية كرامة الإنسان.

ودعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى إلى الصلاة المشتركة لخلاص لبنان، والتمسك بالشراكة الوطنية لمواجهة التعصب والتطرف. فيما شدّد بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي على خصوصية لبنان الذي «يتنفس في بيئتيه المسيحية والإسلامية»، مؤكداً أن هذا النموذج هو أساس قيامته.

بدوره، أعرب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور عن تقديره العميق لزيارة البابا، معتبراً أنها رسالة رجاء تؤكد قدرة لبنان على النهوض واستعادة دوره الحضاري.

وفي كلمته، أعاد بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان التذكير بقول البابا يوحنا بولس الثاني بأن «لبنان رسالة»، مشيراً إلى أن زيارة البابا تأتي في توقيت يتطلب تعزيز الحوار بين الأديان والعمل المشترك من أجل الاستقرار.

تخلّل اللقاء تلاوة لإنجيل مرنّم بحسب الطقس البيزنطي، ثم آيات قرآنية، إضافة إلى عرض وثائقي بعنوان «طوبى لفاعلي السلام» تضمّن شهادات عن العيش المشترك.

وعند اعتلاء البابا لاوون الرابع عشر المنصة وسط تصفيق الحضور، وجّه كلمة، قال فيها إن "في زمن يبدو فيه العيش معا حلما بعيد المنال، يبقى شعب لبنان، بدياناته المختلفة، مذكرا بقوة بأن الخوف، وانعدام الثقة والأحكام المسبقة ليست لها الكلمة الأخيرة، وأن الوحدة والشركة، والمصالحة والسلام أمر ممكن. إنها رسالة لم تتغير عبر تاريخ هذه الأرض الحبيبة: الشهادة للحقيقة الدائمة بأن المسيحيين والمسلمين والدروز وغيرهم كثيرين، يمكنهم أن يعيشوا معا ويبنوا معا وطنا يتحد بالاحترام والحوار".

ورأى بابا الفاتيكان، أنه "كما تمتد جذور الأرز والزيتون عميقا وتنتشر في الأرض، كذلك أيضا ينتشر الشعب اللبناني في العالم، لكنه يبقى متحدا بقوة وطنه الدائمة وتراثه العريق. حضوركم هنا وفي العالم كله يغني الكوكب بإرثكم الذي يرجع إلى آلاف السنين، وهو أيضا دعوة. ففي عالم يزداد ترابطا، أنتم مدعوون إلى أن تكونوا بناة سلام: وأن تواجهوا عدم التسامح، وتتغابوا على العنف، وترفضوا الإقصاء، وتنيروا الطريق نحو العدل والوئام للجميع، بشهادة إيمانكم".

وقد شارك في اللقاء عدد كبير من رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية، إضافة إلى شخصيات سياسية ومدنية وديبلوماسية، في حدث وُصف بأنه من أبرز محطات الزيارة البابوية، نظراً لرمزيته الروحية والوطنية في لحظة لبنانية وإقليمية دقيقة.


المنشورات ذات الصلة