يبدو أن التصعيد المستمر على الحدود الشمالية فوضوي. ما هو المنطق، أو الترتيب الذي يوجّه الأطراف في هذه المواجهة؟ سؤال طرحه موقع قناة N12 بنى عليه مقالاً فند فيه واقع واتجاهات الامور. وجاء فيه:
"أولاً، يجب التشديد على أن إسرائيل تنتصر على حزب الله على الصعيد التكتيكي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الوضع مختلف على الصعيد الاستراتيجي. فالمحور الشيعي، بقيادة إيران وحزب الله، لديه إنجازات غير قليلة، في مركزها القدرة على تهجير أكثر من 80 ألف مواطن وخلق منطقة عازلة داخل مناطقنا، وعلى حساب سيادتنا. لذلك، إن استمرار الوضع على ما هو عليه، وعلى الرغم من الإنجازات التكتيكية، فإنه سيئ على الصعيد الاستراتيجي، بالنسبة إلينا.
إن دائرة التصعيد في مواجهة حزب الله تجري في إطار منطق معين: مواطنون في مقابل مواطنين، وعمق في مقابل عمق. بما معناه، إن الجيش يضرب مدنيين، في الأغلب، من دون قصد، وحزب الله يريد إصابة مدنيين. ولأن أغلبية البلدات الحدودية في الشمال خالية من السكان، فإن حزب الله يحاول الضرب في العمق أكثر، حيث لا يزال هناك سكان إسرائيليون. وفي مقابل العمق الذي يضرب به حزب الله، يردّ الجيش في نقاط حساسة جداً، كمدينة بعلبك، وهي منطقة لوجستية مهمة لحزب الله. ولأن الحزب يستعمل أيضاً طائرات مسيّرة، فإن إسرائيل تضرب مخازن المسيّرات التي يعتبرها التنظيم أهدافاً حساسة جداً. وكردّ على ذلك، يجري الاستهداف في العمق في مقابل العمق مرة أُخرى. حزب الله لا يريد المخاطرة بإطلاق صواريخ أكثر إلى المناطق الجنوبية، لذلك، هو يحاول ضرب الجولان بقوة نيران أكبر. هذا هو المنطق الذي يُدار القتال على أساسه في الحدود الشمالية - لعبة خطِرة لا تقود إلى أي مكان حالياً.
إذاً، إلى أين تتجه الأمور؟
أولاً، يجب أن يكون أحد أهداف الحرب إعادة السكان إلى بيوتهم في الشمال بأسرع ما يمكن، بشكل آمن، ومع شعور بالأمان. ومن أجل ذلك، يمكن القيام بالأمور التالية:
يمكن شنّ حرب كاملة، تشمل مناورة في مناطق معينة من لبنان. وهذا، في مقابل الاستمرار في الحرب في غزة. الحديث يدور حول وضع مركّب في مجال توزيع الموارد بين جبهتَين، وتقسيم القوات، وضرر كبير سيلحق بالجبهة الداخلية بسبب قدرات حزب الله التي تتعدى قدرات "حماس" بعشرات الأضعاف. هذه الخطوة أيضاً تحتاج إلى الدعم الأميركي.
الإمكان الثاني، هو القيام بمعركة محدودة تستغرق عدة أيام، وبنيران محدودة. المشكلة - لا يمكن السيطرة على هذا، واحتمالات أن تؤدي هذه المعركة إلى معركة أكبر مرتفعة. يجب أن نتذكر أنه في اللحظة التي تندلع معركة محدودة - فإن الإنجازات أيضاً ستكون محدودة. لن يسود هنا هدوء مطلق، والشعور السيئ مؤكد منذ بداية الطريق.
الإمكان الثالث هو خلق حالة جمود في إطار الهدنة التي تبدأ بعد صفقة تبادُل الأسرى، أو تفكيك جميع الكتائب التابعة لـ"حماس"، وفي إطارها، يتم التأكد من أن قوة الرضوان غير موجودة على الحدود الشمالية. بما معناه، لا يوجد تهديد باختراق بلداتنا في الشمال. يمكن تجميد الوضع مع ضمانات دولية، إلى جانب تعزيز القوات الحدودية على الجدار. ويمكن أن نقول إن إسرائيل ستضع أمامها هدف نزع سلاح الحزب كردّ على أي اختراقات حدودية.
الإمكان الثالث كافٍ لإسرائيل، بأقل ثمن ممكن، ويتضمن عودة السكان إلى منازلهم. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من غير المؤكد أن هذا الأمر في يدنا لأنه يرتبط بالقتال في الجنوب. علينا أن نتجهز للإمكانات الأُخرى.
وكلمة عن الأميركيين: "بشأن رفح، وأيضاً بشأن لبنان، علينا أن نتأكد من أن الولايات المتحدة إلى جانبنا بالكامل. هذا ليس وقت المناوشات مع الأميركيين وخلق انشقاقات يمكن أن تؤدي إلى فرض قيود على تفعيل قوتنا في الجبهات المتعددة".