عاجل:

دبلوماسية الخديعة الفرنسية.. كفى؟!

  • ١٤٧
لم تخرج السياسات الغربية وتحديدا الاوروبية يوما عن سيرتها المعهودة، باعتبارها احد الادوات التي تعمل لصالح المشروع الصهيوامريكي في المنطقة، وبينما تحضر كل الادبيات المتصلة بشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في كل ما يتصل بالشعوب المقهورة، وخصوصا شعوب العالم العربي، نجدها تصاب بالعمى والصمم والبكم عندما يكون الامر متصلا بجرائم العدو الاسرائيلي بحق كل من ينطق بلغة الضاد.
مرة تلو أخرى، تثبت السياسة الخارجية الفرنسية عقمها وارتهانها للمشيئة الاسرائيلية، خصوصا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية المركزية فلسطين، الممنوعة من الصرف الايجابي لصالح تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة الشعب الفلسطيني المشتت والمهجّر في اربع رياح الارض الى وطنه التاريخي الذي حُرم منه منذ خمسٌ وسبعون عاما، وها هي اليوم تعيد الكرّة، فبدلا من النظر الى الاسباب التي دفعت المقاومة الفلسطينية الى "طوفان الغضب" في السابع من تشرين الاول/ اوكتوبر، وجدناها تقف الى جانب القاتل الاسرائيلي متبنيةً سرديته الكاذبة حول ما حصل في ذلك اليوم الذي جاء ردا على الاستباحة الاسرائيلية للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس من تدنيس للمسجد الاقصى وكنيسة القيامة، مصحوبا بجرائم يومية واعدامات ميدانية بحق الاطفال والشيوخ والنساء ليس لسبب، الا لانهم متشبثون بأرضهم على الرغم من الحصار والتضييق والارهاب الذي ما بعده ارهاب.
حطت رئيسة الدبلوماسية الفرنسية كاترين كولونا في لبنان، بعدما تذرّعت بعطل فني مزعوم اصاب الطائرة التي كانت ستنقلها الى بيروت، بينما نزلت المشيئة الاسرائيلية التي جعلت محركات الطائرة تدور لتتوجه الى فلسطين المحتلة، في رسالة واضحة بأنها منصاعة بارادتها لما يريده هذا النازي الاسرائيلي بأن تكون بوابة عبورها الى بيروت من تل ابيب، مزودةً بالاملاءات من حكومة "زعيم هلوكوست غزة والضفة والقدس بنيامين نتنياهو" الذي يرشح دما من اطفال غزة الذين ذبحهم وأحرقهم ودفنهم احياء امام مرأى ومسمع العالم أجمع الذي يتباهى بالقانون الدولي الانساني.
الاسئلة كثيرة وكبيرة، وما يهمنا هو اتصال علامات الاستفهام الكبرى بالواقع اللبناني وابرزها الاتي:
اولا: كيف للمستوى السياسي اللبناني بكل تلاوينه ان يفتح ابوابه للقادمة من بحر الدماء الفلسطيني ليسمع منها رسائل التهديد والوعيد الاسرائيلية؟.
ثانيا: اين كرامة الشهداء المقاومين منهم والمدنيين الابرياء الذين تستهدفهم وترهبهم اسرائيل كل يوم في الجنوب وكل لبنان، وهل من مساحة لهؤلاء لمحادثات المسؤولين اللبنانيين مع الوزيرة الفرنسية؟.
ثالثا: كيف للقيادات اللبنانية ان تستقبل وزيرة خارجية دولة تعتدي على كرامة الانسان اللبناني في كل لحظة، من خلال الامعان في تقييد حرية مناضل لبناني اسمه جورج ابراهيم عبدالله القابع في السجون الفرنسية منذ عشرات السنين، ليس لسبب، الا لكونه أخذ خيار النضال المقدس من اجل قضية فلسطين ولبنان والعرب والانسانية جمعاء، ولماذا لا تشترط الدولة اللبنانية لاستقبال اي مسؤول فرنسي ايا كان مستواه، ان يصطحب معه المناضل جورج لينعم بحريته في ربوع الوطن في ايامه القليلة المتبقية بعدما دفن لعقود في غياهب سجونهم؟.
رابعا: ألم يتعلم المستوى السياسي اللبناني بكل مسمياته من الخديعة الفرنسية المستمرة، منذ طرحت الادارة الفرنسية المقايضة الرئاسية ليتبين ان الهدف هو الامساك بقرار التنقيب والاستثمار والاستخراج للثروة النفطية والغازية في البحر اللبناني، وتحويله الى رهينة بيد الاسرائيلي الذي يسرق نفط وغاز فلسطين ولبنان؟.
سلسلة الاسئلة لا تنتهي، والمطلوب ولو لمرة واحد ان تتعامل السلطة اللبنانية الغرب بالمثل، عبر الاستثمار على قوة لبنان، فالرهان على الغرب هو رهان على من يريد الشر بلبنان، بينما العقلانية والواقعية السياسية تفترض ان يكون لبنان مقداما في طرح معادلة جديدة تقوم على تنويع الخيارات والتحالفات، فزمن التسيعينيات يوم تحولت الولايات المتحدة الاميركية الى القطب العالمي الاوحد مع انهيار الاتحاد السوفياتي لم يعد قائما حاليا مع دخول العالم في مرحلة تعدد الاقطاب، ولم تعد اميركا قدرا، ومن الخطيئة بمكان وضع كل اوراقنا ورهاناتنا على الغرب الامريكي لتحصيل بعض حقوقنا.
المرحلة تقتضي وبكل شفافية وعقلانية، التمسك بمعادلة ان الحل في المنطقة لا يكون الا بشراكة وازنة وحاسمة لدول اساسية تبدأ من الصين وروسيا وصولا الى المملكة العربية السعودية وايران.
وحده هذا التشبيك يحمي لبنان، ويحصّنه في مواجهة الخديعة الغربية لتي تريد للبنان والعالم العربي ان يتحول الى خادم عند "الاله" الاسرائيلي، الذي يرى ان حلمه اقترب بأن "دولتك يا اسرائيل من الفرات الى النيل".
المنشورات ذات الصلة