ما استشهاد عناصر الجيش اللبناني في الجنوب والبقاع إلا تكريسا لحقيقة واحدة، وهي أن لهؤلاء الجنود إيمانا وعقيدة بأرض وشعب يسقطون شهداء فيها ومعهم، وهم منذ تعاقب الحكومات، ضحية الطبقة السياسية سلطة وأحزابا.
الجيش اللبناني بإمكاناته المتواضعة عديدا وسلاحا وعتادا ومستلزمات لوجستية بقي الحافظ الوحيد للسلم الأهلي والاستقرار في البلاد. وهو بقي صمام الأمان رغم الانقسامات الداخلية، وحافظ على دوره كمؤسسة عسكرية توحّد اللبنانيين وتبقى على مسافة واحدة من الجميع.
لم تتخذ اي حكومة من تلك المتعاقبة أقله منذ العام 2005 اي خطوات لتطوير امكانياته، وهي تتحمل المسؤولية الكاملة عن وضعه الحالي، فالجيش يقوم بتنفيذ قرارات السلطة السياسية، بدءاً من رئيس الجمهورية وصولاً إلى مجلس الوزراء، ورغم تطويقه من تلك السلطات الفاسدة لم يتخل عن واجباته وشعاراته التي نراها تترجم كما في اي حرب إن كان في زمن الارهاب الداعشي أو في زمن الارهاب الاسرائيلي.
لا شك أن تقاعس العهود والحكومات اللبنانية المتعاقبة عن تسليح الجيش الوطني، أوصل لبنان الى ما نحن عليه. وإذا كانت حجة هؤلاء ان الولايات المتحدة الاميركية ترفض تسليح الجيش اللبناني فلماذا لم تذهب الى خيارات أخرى كروسيا مثلا؟
فمنذ عشر سنوات ذهب وفد لبناني إلى روسيا التي عرضت تسليح الجيش مجاناً بعشر طائرات "ميغ 29" وهي الأحدث في العالم، ولواء دبابات "ت 72" ولواء مدفعية وقذائف الدبابات والمدفعية وكل ما يلزم وسلاح دفاع جوي ولكن الحكومة رفضت هذه الهبة لسببين، الاول أن أميركا لا تقبل أخذ أي سلاح شرقي، والآخر أن الدولة ليست لديها ميزانية لتشغيل الطائرات!
الجيش اللبناني بلا سلاح بعكس إسرائيل التي طوّرت الأسلحة الجوية والطائرات الحربية.
قد يكون تسليح الجيش صعباً، لكنه ليس مستحيلاً إذا أراد الحكام تحقيق استقلاليته الاقتصادية، فمن أبسط حقوق الجيش امتلاك منظومة دفاع جوي وبري بحري، ومن أبسط حقوق الشعب اللبناني العيش في أمان واستقرار.