حتى لو كان من غير المنطقي ربط أي تطور حربي في لبنان منذ البارحة بانتخاب دونالد ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة الاميركية، فان ذلك لا يحجب دلالات التوظيف الاسرائيلي المفرط في العنف والتصعيد على الجبهة اللبنانية الذي لاقى به رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انتخاب حليفه المفضل. ولا تقف الدلالات على التوظيف السياسي والحربي والعسكري ولكنها تتجاوزه الى منحى دموي متدحرج اودى بعشرات الضحايا في اتون مجازر متعاقبة في اقل من 24 ساعة. حتى ان الموجات المخيفة من الغارات الاسرائيلية التي ضربت بعنف بالغ بعلبك والهرمل مساء امس عقب استئناف الغارات التي كانت متوقفة على الضاحية الجنوبية، بدت كأنها الرسالة الحاسمة بعدم وجوب التعويل على أي وقف نار او تسوية او حتى أي تحريك محتمل للوساطة الاميركية “السابقة” التي صار مصيرها مطروحاً بجدية بعدما هزم بقوة الحزب الديموقراطي في المعركة الرئاسية، وبدأ العد العكسي لنهاية مسؤولية الموفد الاميركي آموس هوكشتاين لدى انتقال الرئاسة الى الرئيس ترامب في العشرين من كانون الثاني المقبل. ولعل المخاوف من تمادي الحرب لم تقف على هذه الوقائع فقط، بل استندت ايضا الى كلام خطير اطلقه وزير الدفاع الاسرائيلي السابق و”المقال” يوآف غالانت بعدما اقاله نتياهو اذ تخوف بنفسه من حرب لسنوات.
اذن ما بين مجزرة برجا مساء الثلاثاء، ومجزرة بعلبك الهرمل مساء امس الاربعاء، استقبل لبنان الحدث الاميركي مضرجاً بعشرات الشهداء، واستمر التصعيد والغارات من الجنوب الى البقاع مرورا بالضاحية الجنوبية التي عادت الانذارات بإخلائها بعد هدنة عابرة لأيام قليلة. وانبرى الطيران الحربي الاسرائيلي الى شن موجات الغارات المتلاحقة على البقاع الشمالي، بلغ عددها 33 غارة على المنطقة امس ادت الى سقوط 45 شهيدا وعشرات الجرحى (ارقام الثامنة مساء امس). كما ان الطيران الإسرائيلي جدّد استهداف مبان في منطقة حارة حريك في الضاحية والليلكي وبرج البراجنة وشن غارات على حي الاميركان في الضاحية خارج نطاق التحذيرات وغارة خلف دار الحوراء.
في المقابل اعلن “حزب الله” انه استهدف مستوطنات غورن وروش بينا وبار يوحاي (الصفصاف) وكتسرين بصليات صاروخية . وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عصرا عن دوي 5 انفجارات في تل أبيب الكبرى.
وإستمرت امس أعمال الإنقاذ والبحث عن ناجين ومفقودين بين ركام المبنى الذي إستهدف بغارة في بلدة برجا وأدت الى سقوط 30 ضحية وإصابة 20 بجروح، غالبيتهم من الأطفال والنساء.