وقف إطلاق النّار: العدوّ لم يحقّق أهداف الحرب بعد شهرين كاملين من الاعتداءات الإسرائيليّة وصمود المقاومين في الميدان وتعافي المقاومة الإسلاميّة من الضربات المتتالية التي لحقت بها، خرج اتفاق وقف إطلاق النّار إلى العلن، ودخل عند ساعات الفجر الأولى حيّز التنفيذ، بحسب ما أعلنه في الوقت نفسه الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومكتب رئيس كيان العدو بنيامين نتنياهو.
وإذا كان نتنياهو أوحى بانتصارٍ وهمي بإشارته إلى ترك حريّة الحركة لجيشه في الدّاخل اللبناني، فإنّ نص الاتفاق جاء مغايراً لذلك، إذ نصّ مضمون الاتفاق على أنّ «هذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الأصيل في الدفاع عن النفس».
وهو ما أشار إليه النائب حسن فضل الله في حديث تلفزيوني بتشديده على أنّ «الورقة الأميركيّة الأساسيّة التي حملها (الموفد الأميركي) عاموس هوكشتين إلى لبنان أدخل عليها لبنان عدّة تعديلات، وعلى أساسها حصل الاتفاق على وقف الأعمال العدائيّة ونحن في مرحلتها الأولى».
وعليه، تمكّنت الدولة اللبنانية من رفض ما كان يريده العدو على وقع صمود المقاومين في الميدان، وبدّلت في مضمون الاتفاق الذي كان يريد منه اتفاق هزيمة واستسلام.
كما لم يتمكّن العدو من إخضاع لبنان في إدخال بريطانيا وألمانيا كعضوين في لجنة الإشراف على تنفيذ الاتفاق، وإنّما أشارت المعلومات إلى أنّ اللجنة ستُشكّل من أميركا وفرنسا فقط بعد استبعاد بريطانيا وألمانيا.
كلّ ذلك يؤكّد أن الميدان أتاح للدولة اللبنانيّة إدخال التعديلات ورفض إرادة العدو بالاستسلام، أو حتى في تنفيذ أهدافه إن كان في تثبيت منطقة عازلة عند الحدود أو حتّى في القضاء على حزب الله، بعدما تأكّد أنّ هذا الأمر مستحيل.
وهو ما أخرج العدو عن عقاله، وحاول الإيحاء على مدى السّاعات الماضية بأنّه كسب معركته في لبنان، بعد سلسلة هزائمه في الميدان، حيث لم يتمكّن من تسجيل أي إنجازٍ يُذكر، ليصل الأمر بجنوده إلى اجتياز بلدة دير ميماس الحدوديّة لالتقاط الصور عند نهر الليطاني.
ولذلك، حاول تكثيف اعتداءاته في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبيّة، ليضم إليها بيروت التي بقيت تتعرّض لاعتداءات متواصلة حتّى الفجر، وحيث نفّذ عدداً من الغارات على بربور (أكثر من مرة) والنويري والخندق الغميق وزقاق البلاط، وحتّى وصل عدوانه إلى قلب منطقة الحمرا للمرّة الأولى.
كما أقدم ليلاً على قصف كل المعابر البرية بين لبنان وسوريا. في هذه الأثناء، صعدت المقاومة الاسلامية من استهدافاتها في اكثر من مستعمرة اسرائيلية وتحشدات للعدو في لبنان، ووصلت صواريخها ومسيراتها الانقضاضية النوعية إلى تل أبيب، حيث استهدفت مقر إقامة قائد سلاح الجو في جيش العدو اللواء تومار بار، وحققت أهدافها بدقة، بحسب أحد بيانات الإعلام الحربي.
كذلك أعلنت المقاومة أنها نفذّت هجوماً جوياً بأسراب من الطائرات المسيّرة النوعية على مجموعة من الأهداف العسكرية الحساسّة في تل أبيب وضواحيها وحققت العملية أهدافها كما قصفت بصليات متتالية مدن الشمال ومستعمراته من كريات شمونة إلى حيفا، مع توقعات شبه مؤكدة بأن الكلمة الأخيرة ستكون للمقاومة رداً على استهداف بيروت.
العدو الذي أوحى بأنّه كان يستهدف منشآت عسكريّة وماليّة تابعة لحزب الله، استهدف فعلياً المدنيين الذين نزحوا من العاصمة بيروت، حيث غصّت الشوارع بهم، في غياب الأجهزة الأمنيّة التي ظهرت وكأنّها في «كوما».
ولكنّ تكثيف الاعتداءات بهذا الشكل، هدف العدو منه إلى كيّ الوعي وهزم النفوس التي بقيت صامدة على مدى الشهرين الماضيين، مع ترك بصمته الوحشيّة لإرهاب اللبنانيي.
وكان بايدن قد أعلن موافقة لبنان وإسرائيل على وقف إطلاق النار، وشكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ولفت، في مؤتمر صحافي، إلى أنّه «لن تكون هناك قوات أميركية في جنوب لبنان والغرض من الاتفاق أن يكون وقفاً دائماً للأعمال القتالية». كما اتصل بايدن بميقاتي الذي شكره على جهوده. وأعلن الإليزيه أيضاً أنّ ممثل ماكرون، جان إيف لو دريان، سيتجه إلى لبنان لحل الأزمة السياسيّة.