كتب أحمد منصور في جريدة الأنباء الكويتية:
تواصل إسرائيل تنفيذ خطتها التدميرية للقرى والبلدات الجنوبية الحدودية بهدف إفراغها من سكانها، وتترافق مع إجراءات وتهديدات متواصلة بأنواع متعددة لزرع الخوف والرعب في نفوس الأهالي، بعد تغيير معالم البلدات باستخدام أحدث تقنيات وأعمال التفجير والجرف لتحويها أرضا محروقة.
إلا أن هذا الأمر زاد من عزيمة الأهالي وإصرارهم، بالتحضير للعودة إلى قراهم المهدمة، تزامنا مع دخول الجيش اللبناني إليها.
في هذا الإطار، حذر رئيس بلدية برج الملوك (قضاء مرجعيون) ايلي سليمان «من خطورة ما تقوم به إسرائيل في تدمير القرى تحت مسميات واهية، لكنها تخفي أهدافا مبيتة وخبيثة، اذ تحاول إقامة منطقة خالية من السكان ومنزوعة السلاح مع أرض محروقة كليا».
ورأى «أن ما يجري ليس حربا بقدر ما هو إبادة للقرى، وهذا لم تشهده البشرية من قبل. فهم يدمرون القرى بالطائرات والقصف المدفعي، ومن ثم يستكملون همجيتهم بجرف البيوت وحفر الطرقات لمنع عودة الأهالي».
وقال «هذه الاعتداءات لن تثنينا عن العودة والتمسك بأرضنا. سنبقى في منازلنا وقرانا ولن نتركها مهما كلف الأمر وأيا يكن حجم التهديدات».
وأضاف سليمان «شطر الاحتلال الإسرائيلي بلدتنا إلى قسمين، وتحديدا الأطراف الشرقية لجهة بلدة الخيام، حيث لا يمكن الوصول اليها لأنها تقع تحت مرمى النيران الإسرائيلية. والقسم الآخر من البلدة يقع تحت حماية وحدات الجيش اللبناني المتواجدة هناك، وقد عاد الأهالي إلى هذا الشطر. إلا ان المخاوف كبيرة لديهم من تجدد الحرب نتيجة الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية».
وتابع «بلدتنا مسالمة، لا سلاح فيها ولا مسلحين، ونريد دخول الجيش اللبناني. وإسرائيل لم تفرق بين بلدة وأخرى، ان نالت البلدات المسيحية نصيبا كبيرا من التدمير الإسرائيلي. وخير دليل على ذلك ما جرى في مرجعيون أخيرا وذهب ضحيته ثلاثة أشخاص».
وفي موضوع الإعمار، اعتبر انه «يتطلب مساعدة الدول الشقيقة والصديقة، ومجلس الجنوب طلب منا تزويده بكشف كامل وإحصاء الأضرار، إلا أن ما يعيقنا عدم تمكننا الوصول إلى الأطراف الشرقية من البلدة وهي شبه مدمرة ولاتزال تحت النيران الإسرائيلية».
رئيس بلدية ميس الجبل (قضاء مرجعيون) عبدالمنعم شقير، قال لـ «الأنباء»: لنا في كل يوم موعد مع العدوان الإسرائيلي، من مجازر وقصف وتدمير وتفجير وتهجير، واعتبر أن ميس الجبل بلدة منكوبة بامتياز.
وفند شقير بالأرقام عدد القذائف التي سقطت على البلدة، فأشار إلى «أنه أحصي أكثر من 5000 آلاف قذيفة على البلدة من العيار الثقيل والقذائف الفوسفورية المحرمة دوليا، فضلا عن 550 غارة جوية، وتدمير أحياء سكنية بالكامل وبيوت أثرية والقديمة، والمستشفى والسرايا الحكومي والمؤسسات التجارية والمرافق الرسمية والخدماتية وكل مقومات الحياة من خزانات المياه والسنترال والمدارس والمساجد. حتى أن يد الإجرام لم توفر الأموات، اذ طالت المقابر ودنستها بحقدها».
وأشار إلى وجود 4800 وحدة سكنية في البلدة، وان نسبة التدمير الكامل بحدود 75%.
وكرر القول «ان الإسرائيلي لا يقيم وزنا للعامل الإنساني، اذ هناك 4 مسنين رفضوا مغادرة البلدة وأصروا البقاء في منازلهم. منا باتصالات مع الصليب الأحمر والقوات الدولية لمعرفة مصيرهم، لعدم تمكننا من الوصول إلى البلدة، الا ان الجيش الإسرائيلي لم يسمح بذلك، وبعد وقف اطلاق النار إلى البلدة، دخل قريب لإحدى المسنات وحملها على ظهره ونقلها بسيارته تحت النيران الإسرائيلية، فيما بقي مصير الثلاثة الآخرين مجهولا».
وأشار إلى أنه في اليوم الأول لوقف إطلاق النار، «حاول بعض الأهالي الدخول إلى البلدة، إلا أنهم تعرضوا لإطلاق نار من جنود الاحتلال فعادوا أدراجهم، ولاتزال البلدة خالية من سكانها».
وأشاد بالاحتضان الوطني «الذي حظي به أهالي الجنوب النازحين على مستوى الوطن»، مؤكدا ان أبناء القرى الحدودية ينتظرون بفارغ الصبر دخول الجيش اللبناني إلى المنطقة للعودة إلى بلداتهم وإعادة إعمارها.
وذكر «ان هدف الإسرائيلي من التدمير تهجير أهالي القرى وتحويلها إلى المنطقة محروقة وخالية من البشر والحياة».
والى بلدة عيتا الشعب (قضاء بنت جبيل) حيث قال رئيس بلديتها محمد سرور: لعيتا الشعب رمزيتها في الصمود. ومنذ العام 2006 أراد العدو ان يطوي لها صفحة الصمود، فقام بتدمير ممنهج ومخطط له عن سابق إصرار وتصميم لمنع الأهالي من العودة، وقال: حجم الدمار كبير جدا ولا يوصف، وهو بنسبة 95% على المستويات كافة.
ولفت إلى ان «هذا التدمير الوحشي الإسرائيلي للقرى الحدودية، يريد منه العدو، منع السكان من العودة، لأنه يعتبر أن غالبية الناس متعلقة بالأرض وقراها، وقد استعمل التدمير كفزاعة للسكان ليتركوا أرضهم وأرزاقهم (...) نحن نخاف من عدم العودة إلى أرضنا، ولا نخاف إذا عدنا».
وشدد على «أن الأرض مقدسة، فهي أرض الآباء والأجداد، وسنحفظها مهما كان الثمن».
وفي موضوع إعادة الإعمار، توقع قيام «عدد من أبناء البلدة بمبادرات فردية ضمن إمكاناتهم المادية. ولا شك بوجود جهات دولية وحكومية ستبادر إلى مساعدتنا في عملية إعادة البناء».