عاجل:

واشنطن بوست: من جديد ... الشرق الأوسط على حافة الهاوية

  • ٤٣

ايست نيوز- ترجمة باسم اسماعيل


تتهاوى مقولة أن لا أحد من الأطراف المتحاربة في الشرق الأوسط مهتم بحرب شاملة وسط موجة من عمليات القتل المستهدف.

قبل أسبوع واحد فقط كان هناك تفاؤل حذر بإمكانية انتصار الدبلوماسية. فبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يغادر واشنطن بعد ظهوره المثير للجدل أمام الكونغرس كانت الهمسات تلاحقه حول إمكانية تجدد اتفاق وقف إطلاق النار الذي يمكن أن يهدئ الأعمال العدائية في قطاع غزة الذي دمرته الحرب ويحرر الرهائن الإسرائيليين المتبقين ثم حدث ما حدث هذا الأسبوع.

فبينما استمر وابل القصف الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين في غزة أدى هجوم صاروخي مزعوم من قبل منظمة حزب الله الشيعية اللبنانية إلى مقتل 12 طفلاً في بلدة في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع وقد نفى حزب الله تورطه في الهجوم وكان الرد الإسرائيلي هو توجيه ضربة استهدفت إحدى ضواحي بيروت يوم الثلاثاء أسفرت عن مقتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر وستة آخرين على الأقل وندد المسؤولون اللبنانيون بالهجوم على أراضيهم وحثوا على ضبط النفس.

وفي اليوم التالي حدث تطور أكثر إثارة للدهشة فقد اغتيل إسماعيل هنية رئيس الجناح السياسي لحركة حماس أثناء وجوده في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن الاغتيال إلا أن عملية الاغتيال تحمل بصمات عملية استخباراتية إسرائيلية معقدة وقد ألقى كل من المسؤولين الإيرانيين ومسؤولي حماس اللوم في مقتل هنية على إسرائيل.

من جانبه قال نتنياهو للصحفيين يوم الخميس إن إسرائيل وجهت "ضربات ساحقة" لكل من حزب الله وحماس مشيرًا أيضًا إلى تأكيد إسرائيل مؤخرًا مقتل محمد ضيف القائد العسكري الغامض لحماس في غزة.

لقد أبرزت العمليات الأخيرة مجتمعةً استعداد إسرائيل وقدرتها على استهداف خصومها خارج حدودها بما في ذلك في عمق الأراضي المعادية، وألمحت إلى أن حكومة نتنياهو مثلها مثل قادة إيران وحلفائها المتشددين من غير المرجح أن تستجيب لدعوات الولايات المتحدة والقوى الخارجية الأخرى لوضع حد لدورة العنف المستمرة.

قال المحللون على مدى أشهر إن أياً من الأطراف المتحاربة في المنطقة غير معني بحرب شاملة سواء كانت إيران أو وكلائها أو إسرائيل أو الولايات المتحدة. ولكن مدير معهد الشرق الأوسط فراس مقصد قال لشبكة سي إن إن: "أعتقد أن علينا إعادة النظر بهذا الخصوص فهناك إجماع واسع النطاق داخل إسرائيل يريد تغيير ميزان القوى على طول حدودها الشمالية مع لبنان".

وقد يكون خصوم إسرائيل على استعداد أيضاً للالتزام بذلك فبعد مقتل هنية توعّد خامنئي بـ"عقاب شديد" على إسرائيل وقال إن الانتقام في هذه الحالة "واجب". كما أعلن نصر الله أنه وحلفاؤه يبحثون عن رد حقيقي وليس شكلي.

وقال نصر الله: "لقد دخلنا مرحلة جديدة تختلف عن المرحلة السابقة وعلى إسرائيل أن تنتظر غضب الشرفاء في هذه الأمة وانتقام الشرفاء في هذه الأمة لكل هذه الدماء".

وقالت سيما شاين رئيسة برنامج إيران في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في إحاطة إعلامية افتراضية عقدها منتدى السياسات الإسرائيلية: "لا شك أننا تقدمنا خطوة واحدة إلى الأمام نحو تصعيد محتمل لحرب شاملة ونحن في وضع تم فيه تجاوز العديد من الخطوط الحمراء".

ما قد يتبع ذلك قد يكون أكثر حدة بكثير من وابل الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقتها إيران على إسرائيل في نيسان والتي تصدت لها الدولة اليهودية وحلفاؤها. وفي أثناء رحلة إلى منغوليا قال وزير الخارجية الأمريكي بلينكن: "إنه من الأهمية بمكان أن نكسر حلقة العنف في المنطقة ويبدأ ذلك بوقف إطلاق النار وللوصول إلى ذلك يجب أن تتوقف جميع الأطراف عن اتخاذ أي إجراءات تصعيدية. كما يتطلب منهم أيضًا أن يجدوا أسبابًا للتوصل إلى اتفاق وليس البحث عن أسباب لتأخير الاتفاق أو رفضه".

يقول جيريمي بوين المحرر الدولي في بي بي سي: "إن تصاعد التوتر يضعف الأمل في التوصل لوقف إطلاق النار فالتراجع عن حافة الهاوية مرارًا وتكرارًا لا يجعل الحرب أقل احتمالًا بل يجعل من الصعب بناء مسار دبلوماسي بعيدًا عن التهديد الذي يلوح في الأفق بنشوب صراع شامل. إن الخطوة الأولى الوحيدة ذات المصداقية لخفض درجة الحرارة المميتة في الشرق الأوسط هي وقف إطلاق النار في غزة."

وتقول الصحفية كارين دي يونغ بأن هذا الطلب قد يكون أصعب الآن مما كان عليه قبل أيام قليلة فقد كان يُنظر إلى هنية على أنه أكثر واقعية بشأن مزايا التوصل إلى اتفاق من قائد حماس العسكري يحيى السنوار وذلك وفقًا لمسؤولين عرب وأمريكيين مطلعين عن كثب على المفاوضات.

كتب رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأربعاء: "إن الاغتيالات السياسية والاستهداف المستمر للمدنيين في غزة في الوقت الذي تستمر فيه المحادثات يدفعنا إلى التساؤل: كيف يمكن أن تنجح الوساطة عندما يغتال أحد الأطراف الشخص المفاوض من الطرف الآخر؟ السلام يحتاج إلى شركاء جادين وموقف عالمي ضد الاستهتار بحياة البشر".

يقول معين رباني المختص في الشأن العربي الإسرائيلي: "لقد أثبت التاريخ مرارًا وتكرارًا أنه في حين أن إسرائيل فعالة جدًا فيما يتعلق باغتيال كبار الشخصيات السياسية الفلسطينية إلا أن ذلك كان له في أحسن الأحوال تأثير محدود على قدرات حماس وعلى تطورها. لن أساوي بين قتل القادة والقضاء على الحركة فهذان أمران مختلفان تمامًا وقد أثبتت إسرائيل نجاحًا كبيرًا فيما يتعلق بالأول ولكنها لم تنجح على الإطلاق فيما يتعلق بالثاني."

المنشورات ذات الصلة