يسعى الاتحاد الأوروبي الى إعادة مد الجسور مع سوريا والى شراكة حقيقية، غير عابرة، مع السلطة الجديدة فيها بعد أن كان قد قطعها مع نظام الأسد في أيار/مايو 2011 غداة انطلاق الثورة السورية وعمل الأسد على قمعها!
وقد خصص الاتحاد الأوروبي منذ أيام مليار يورو لمساعدة النازحين السوريين في أماكن النزوح، وخاصة في تركيا، بانتظار عودتهم تدريجياً.
كما خصص الاتحاد الأوروبي مبعوثاً رفيعاً خاصاً لسوريا زار قائدها الجديد احمد الشرع. وبحث معه تقديم مساعدات إنسانية لسوريا وذلك، مع تذكير الاوروبيين أن حجم المساعدات الانسانية للسوريين بلغ 33 مليار يورو منذ انطلاق الثورة السورية.
وترى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لاين أن الوضع في سوريا حالياً يبعث بالأمل. وقال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا في قمة بروكسل إن هناك توافقا أوروبيا حول الوضع في سوريا وهي مواقف تؤشر عن أن إرادة التعاون مع سوريا ليست مرحلية، وإن كانت القمة الأوروبية لم تخرج في النهاية بأجندة تعاون واضحة.
إن إطار عمل الاتحاد الأوروبي في سوريا هو القرار الأممي 2254 الذي، وإن كان قد صدر في العام 2015، بظروف مختلفة، إلا أنه ما يزال يصلح إطاراً لتأمين الاستقرار والأمن وانتقال هادىء للسلطة.
وبانتظار دستور جديد، يحمي حقوق الانسان والمرأة والأقليات والتعددية والديمقراطية، فإن أوروبا قد تقرر قريباً رفع العقوبات عن سوريا بانتفاء مبررها، كونها كانت تستهدف نظام الأسد. ومع ذلك، فإن القمة الاوروبية الأخيرة لم تحدد تاريخاً واضحاً أو جدولاً زمنياً لذلك.
يتعامل الاتحاد الأوروبي بحذر، ولكن بجدية، مع الوضع في سوريا، مع هدف إعادة ملايين النازحين والمساهمة في إعادة الاعمار.
الحكومة السورية المؤقتة، العاملة حتى الأول من شهر آذار/مارس المقبل، ترسل إشارات إيحابية للإتحاد الاوروبي والمجتمع الدولي، وأداء أحمد الشرع يبدو إبجابياً بالنسبة للأوروبيين. ومع ذلك، فإن جبهة النصرة، وبالتالي هيئة تحرير الشام، ما تزال حتى إشعار آخر، مدرجة على لائحة الإرهاب أوروبياً ودولياً.
حدث التغيير في سوريا بسرعة هائلة. لذلك، تحتاج أوروبا الى بعض الوقت لإعادة بناء الثقة مع «النظام الجديد»، وللتكيف مع المتغيرات السياسية والميدانية، تحت ضغط التوغل الاسرائيلي وقصفه لما تبقى من بنية تحتية وتجهيزات للجيش السوري، مما يؤخر السلطة الجديدة في إمساكها للأمن.
ما يزال مخاض التغيير في سوريا صعباً وطويلاً، ولكن سوريا تتنفس الصعداء من 54 سنة من مخيمات تعذيب نظام أودى بحياة أكثر من 135.000 مواطن سوري. وإذا ما نجحت السلطة الجديدة في اجتياز حقول الألغام السياسية والأمنية، فإن الاتحاد الأوروبي سيكون شريكاً أساسياً في ورشة إعادة الإعمار وفي تثبيت الاستقرار في سوريا. ومشوار الألف ميل قد بدأ بأكثر من خطوة!