يعيش لبنان تحت وطأة عدٍّ عكسي «ثلاثي البُعد»، لحلول سنة جديدةٍ سـ «ترث» كل أثقال 2024 التي لم يَبرد «جَمْرُ» أحداثها اللاهبة بعد، ولجلسة الانتخاب الرئاسية في 9 ك2 التي باتت بين حدّيْ «تهريب» رئيسٍ في «جيناته» سمات من «الزمن الذي تحوّل» أو الإصرار على اسمٍ بمواصفات المرحلة الجديدة في «بلاد الأرز» والإقليم، ولـ «اليوم التالي» بعد انقضاء هدنة الستين يوماً التي نص عليها اتفاق وقف النار مع اسرائيل في 27 الشهر الطالع.
وفي حين يَتهيّأ اللبنانيون لاحتفاليةٍ «بما تَيَسَّر» برأسِ السنة، لن يغيب عنها «الطبلُ والزمرُ» الذي سيَحجب جزئياً «ناقوس خطر» وأكثر يطلّ من الجبهة مع اسرائيل والتي تشهد عمليات محاكاةٍ و«رسوماً تشبيهية» لِما بعد 27 كانون الثاني بحال أصرّت اسرائيل على تمديد فترة «احتلالها» لـ 62 بلدة على الحافة الأمامية، فإن الملف الرئاسي لا يشي بأن الطريق معبّد أمام «قرع أجراس» عودة الروح الى القصر الشاغر منذ 26 شهراً في ضوء تعقيداتٍ لا تزال مستعصية.
وعلى وهج «مبارزةٍ» ضمنية، محورُها قائد الجيش العماد جوزف عون، بين قوى «الممانعة» (ركنها الثنائي الشيعي «حزب الله» والرئيس نبيه بري) وغالبية المعارضة، وسط محاولةِ الأولى استدراجِ خصومِها لكشْف ورقة مرشّحها الفعلي قبل جلسة 9 ك2 وربما «حرْق» اسم عون بزجِّه في جلسةٍ حدّد بري «إطارها الدستوري» بأن انتخابَ قائد الجيش يتطلّب فوزاً بـ 86 صوتاً (الثلثان) كبديلٍ ممكنٍ عن تعديل الدستور، أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن الاتصالات التي يقوم بها أظهرت أن «المنظومة» لا تزال موجودة وتستمر بعملها وكأن شيئاً لم يكن«.
ولفت جعجع إلى أن«محور الممانعة» لا يريد العماد جوزف عون رئيساً، وبطبيعة الحال،«التيار الوطني الحر» أيضاً لا يريده، وهم يخطّطون لإسقاطه في الانتخابات»، وقال: «المنظومة تعمل ليل نهار لتهريب رئيس للجمهورية لا يحقق طموحات الشعب اللبناني، وإنما يضمن لهم استمرار المرحلة الماضية. وفي المقابل، نحن مستمرون في العمل بكل جدية لمنعهم من تحقيق ذلك، ولن نسمح لهم بإعادة إحياء أنفسهم من جديد من خلال رئيس ينفذ أجندتهم».
وفي حين ستشكّل الأيام الفاصلة عن 9 ك2 الرئاسي فسحةً لاتصالاتٍ حثيثة لتفادي أي مفاجآت في جلسةٍ تريد «الممانعة» أن تَخرج منها برئيسٍ يَسبق عودة دونالد ترمب الى البيت الأبيض مقابل رفض المعارضة «رئيساً كيفما كان» يفوّت على لبنان فرصة المصالحة مع العرب والغرب وإعادة البلاد إلى جادة الشرعية الدولية على متن القرار 1701 وأخواته ومندرجات اتفاق وقف النار، فإنّ هذا الاتفاق يمرّ بمطبّات خطيرةٍ يُخشى أن تُبَدِّد مفعولَه القصير المدى، كما… المستدام.
وليس عابراً في موازاة الخروق الإسرائيلية المستمرّة لوقف النار وحرص تل أبيب على «عمليات تذكيرية» شبه يومية بأنها ستطبّق الاتفاق في جنوب الليطاني وشماله لجهة تفكيك بنية «حزب الله» العسكرية ومنْعه من معاودة ترميم قدراته، أن يَبرز «تفكير» لدى الحزب في إمكان استعادة تجربة «المقاومة لتحرير أراضٍ لبنانية» وتالياً تبرير استمرار سلاحه، مستفيداً من مناخاتٍ عن أن الجيش الإسرائيلي قد يمدّد «بقاءه» في البلدات اللبنانية التي احتلّها بعد انتهاء فترة الستين يوماً.
وترى أوساط سياسية لـ"الراي الكويتية” أن هذا «التفكير» والموصول بتصريحات لنواب في «حزب الله» عن منْح «فرصة» للدولة اللبنانية ورعاة وقف النار لإجبار اسرائيل على الانسحاب من الأراضي التي تحتلها بحلول 27 ك2 «وإلا»، يبدو مدجَّجاً بمَخاطر عالية تنطلق من احتمالاتِ أن يتلقّف بنيامين نتنياهو، الذي وَضَع الـ «إكس» على الحوثيين ويتهيّأ لشمولهم باستراتيجية «قطع أذرع إيران»، أي تظهيرٍ من الحزب عن أنه ما زال يحتفظ بترسانةٍ عسكرية تشكل خطراً على تل أبيب – وذلك خلافاً لمفهومها لاتفاق 27 تشرين الثاني لجهة أنه يتمحور حول إنهاء الوجود العسكري للحزب خارج الدولة – لاستئناف حربه على لبنان وهذه المرة من حيث انتهتْ، أي خارج كل الضوابط ومن قلب بيروت، مستغلّاً النقاط الذهبية التي راكمها خصوصاً بسقوط نظام بشار الأسد في سورية وفقدان الحزب «الممر الآمِن» لتزويده بالسلاح.