عاجل:

بين بيروت و"تل أبيب": مسرحية مفاوضات الترتيبات الأمنية.. التفاوض يبدأ بعد سحب السلاح بالكامل (الأخبار)

  • ٦٦

كتبت جريدة "الاخبار" أنّ المكتوب يُقرأ من بيان مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو. هذا تماماً ما ينطبق على مسرحية مفاوضات الترتيبات الأمنية وفصولها المُستحدثة، والتي تمثّلت بجولات مكوكية يقوم بها الموفد الأميركي توماس برّاك بين بيروت و"تل أبيب"، لتسويق انطباع بأن إدارته تسعى إلى انتزاع خطوة "حسن نية" إسرائيلية، مقابل قرار الحكومة اللبنانية حول "حصرية السلاح".

غير أن البيان كشف ضمناً عن معطيات معاكسة تؤكّد أن الباب مُغلق، وقد يكون من الأفضل للدولة اللبنانية من الآن فصاعداً تجنّب مزيد من الإحراج! فالعدو، عملياً، قطع الطريق على أي مطلب لبناني مقابل ما أقدمت عليه السلطة اللبنانية الخاضعة للوصاية الأميركية - السعودية، ما يذكّر بما سبق أن نقله عدد من الوسطاء، من بينهم ممثّلة الأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت (التي زارت إسرائيل أكثر من مرة في الأشهر الأخيرة)، بأن التفاوض يبدأ بعد سحب السلاح بالكامل، ولا شيء أقلّ من ذلك!

ويمكن القول إن برّاك، ومعه الطبّاخون الدوليون، نجحوا في إقناع أركان السلطة قبل وصوله إلى بيروت بأنه يحمل «جديداً» في ملف التسوية مع لبنان. إقناعٌ لم يلبث أن تُرجم في موجة تسريبات عبر قنوات إعلامية محلية مُجنّدة لخدمة الدعاية الأميركية – الإسرائيلية، فضلاً عن تسريبات نقلها موقع «إكسيوس» الأميركي عن ثلاثة مصادر إسرائيلية وأميركية، بأن برّاك بحث مع نتنياهو في «طلب إدارة الرئيس دونالد ترامب من إسرائيل كبح ضرباتها في لبنان، وكذلك في مسار المفاوضات مع سوريا»، مضيفاً أن «لإسرائيل، في ظل الحرب المستمرة في غزة، مصلحة بتهدئة الوضع على حدودها مع لبنان وسوريا والتوصّل إلى اتفاقات جديدة".

وتضمّنت تسريبات الموقع ذاته «خريطة» للمرحلة المقبلة، تتضمّن ترتيبات أمنية جديدة بين إسرائيل ولبنان، وكذلك بين إسرائيل وسوريا، بوصفها خطوة أولى على طريق التطبيع المحتمل للعلاقات في المستقبل.

على هذا الأساس، قرّر بعض الأطراف في لبنان الانسياق خلف الخُدَع الأميركية الجديدة، مترقّبين ما سيحمله برّاك والموفدة مورغان أورتاغوس، اللذان وصلا أمس إلى بيروت في زيارة هي الثانية لهما خلال أسبوع. زيارةٌ يُعوَّل في ضوئها على تظهير مصير الجولات المكوكية التي يقوم بها الفريق الأميركي بين بيروت و«تل أبيب» بشأن الآليات التطبيقية لاتفاق وقف إطلاق النار.

وكان برّاك استبق انتقاله إلى بيروت بمحطة في إسرائيل، على أمل أن ينتزع من العدو خطوة مقابل خطوة الحكومة اللبنانية التي تبنّت قراراً بسحب سلاح المقاومة مع نهاية العام، وأقرّت ورقة الأهداف الأميركية. ولأن الورقة تشمل أيضاً الجانب السوري، زار دمشق للقاء الرئيس أحمد الشرع قبل وصوله إلى بيروت.

غير أنّ مكتب نتنياهو سارع إلى إحراق عنصر «المفاجأة»، معلناً بوضوح أنّ «إسرائيل مستعدّة لدعم لبنان في جهوده لنزع سلاح حزب الله»، رابطاً أي تقليص لوجوده في لبنان بمدى نجاح لبنان بانتزاع سلاح حزب الله. وأشاد المكتب بـ«قرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله حتى نهاية 2025» واصفاً إياه بأنه «خطوة جوهرية»، ومؤكّداً أنّ «إسرائيل تقدّر ما أقدم عليه لبنان».

ويمكن القول إن ردّ رئاسة الحكومة الإسرائيلية على «طلب إدارة الرئيس ترامب من إسرائيل كبح ضرباتها في لبنان»، كما أورده موقع «إكسيوس»، يحمل مؤشّراً سلبيّاً للغاية. فقد ربط العدو الإسرائيلي أي خطوة مقابلة له بسحب السلاح بالكامل، ما يعني العودة إلى الصفر ورفض تقديم أي خطوة مقابلة لخطوة الحكومة اللبنانية، فضلاً عن تلميحاته الواضحة بالتدخل إلى جانب الدولة اللبنانية للتخلص من سلاح المقاومة في حال قرّرت السلطة اللجوء إلى خيارات مواجهة. كما أن الإعلان الإسرائيلي عن الاستعداد للتعاون هو محاولة لاستغلال لحظة داخلية لبنانية حساسة تخدم استراتيجية العدو من خلال صبّ الزيت على نار الفتنة.

وقال مطّلعون إن «ربط الإسرائيلي بدء الانسحاب بعد إتمام عملية نزع السلاح من دون تقديم أي ضمانة يعني عودة إلى الحلقة المُفرغة التي كان الأميركي يضعنا فيها وتقوم على قاعدة: قدّموا التنازلات ومن ثم نرى إسرائيل»، واصفين ما يحصل بأنه «فخّ جديد».

وفيما لم يصدر عن السلطة اللبنانية أيّ تعليق على ما أعلنه مكتب رئيس حكومة العدو، قالت أوساط سياسية إن «على لبنان أن ينتظر ما سيكشف عنه كل من برّاك وأورتاغوس والوفد المرافق لهما (يضمّ شخصيات عسكرية والسيناتور ليندسي غراهام المعروف بتأييده الشديد لإسرائيل ومواقفه المتشدّدة حيال إيران وحزب الله).

المنشورات ذات الصلة